يبدو أن ثورة الجياع انطلقت بالفعل في كثير من بلداننا العربية مطالبة بحقها في العمل ورغيف الخبز، بعدما أتعبتها طوابير الانتظار وسئمت من الوعود الفارغة ، وتحول الأمل في الغد إلى ألم في الحاضر وخوف من المستقبل وتحول حلمها البسيط إلى كوابيس مزعجة .إنها ليست ثورة ضد الحكم بقدر ماهي ثورة على أوضاعهم المزرية وحقوقهم المهضومة وتعبيرا منهم عن سخطهم على أحوالهم التي لاتزيد إلا سوءا
وكما هو معروف فالنظم العربية تعطي الأولوية للأمن وتسخر له كل الإمكانيات على حساب قوت وحقوق المواطنين البسيطة المتجلية في العمل والسكن والتطبيب لكن ورغم إحكام قبضته الحديدية على الشعوب المقهورة وتضييق الخناق على كل المنافذ للتعبير والاحتجاج ، تارة بالترهيب وتارة أخرى بالترغيب ، هذه المرة لم تفلح النظم القمعية على احتواء هذه الثورة وإخماد لهيبها
فكلما توجه العالم إلى دمقرطة نظمها وفسح المجال للتعددية والتداول السلمي على السلطة ومزيدا من حرية التعبير والاختيار، كلما توجهت نظمنا القمعية والشمولية إلى مزيد من التضييق على الحريات والتزوير وسيطرت الحزب الواحد على المشهد السياسي بعدما سيطر ت حاشية الحكم وخدامه على الثروات الاقتصادية واحتكار الصادرات والواردات
فبدل أن ينصت الحكام لنبض شعوبها والنزول على مطالبها البسيطة مازال يصم أذنيه ولا يسمع سوى صوت حاشيته وزبانيته الذين لا هم لهم سوى مصالحهم ولو على حساب مصالح الأمة، تارة بطرحهم نظرية المؤامرة والتدخل الأجنبي في حين هم المسؤولين الحقيقيين في تفقير شعوبهم وأحد أهم الأسباب تخلف الأمة ، وتارة أخرى بتهويل المطالب الاجتماعية وتحويلها لمطالب سياسية هدفها تغيير الحكم لتبرير القسوة والقمع لردع القوى المتظاهرة
مخطئ من يظن أن بتغيير مسؤول أمني فشل في احتواء الاضطرابات كفيل بإسكات الجماهير الغاضبة لأن اللعبة التي دأبت عليها النظم تكشفت ولم تعد تنطلي على أحد ، فإن كان هناك صراع حول الأجهزة الأمنية وبين حاشية الحكم الفاسدة فيما بينها حول المراكز وقيادة النظام أو تحظى بتقة الحاكم بافتعال الأزمات لعلها تكون آخر مسمار في نعش الحرس القديم الذي صار أقوى من المؤسسات ، وواهم أيضا من يتصور أن التحكم في الاقتصاد والمشهد السياسي والسيطرة على المشهد الاعلامي السمعي البصري كفيل بتركيع الشعوب المقهورة وجعلها كقطيع أغنام
واليوم نشاهد ونسمع ما يدور في شوارع تونس الخضراء من عصيان وبدء مغادرة أسرة الرئس الى الخارج والسؤال لماذا لا يصحوا الحكام ويتركوا الغرور ويتحسسوا أحوال المواطنين ويحكموا العقل والمنطق ويبتعدوا عن المنافقين والمتمصلحين من ظهورهم ويصارحوا الناس في الاوضاع ويسمحوا للمشاركة في الحكم ويعدلوا ويطبقوا القانون على الكبير قبل الصغير والشعب كله سيحبهم وسيطيعهم ويجربوا ذلك وسينتهي خوفهم والتفكير من اي منفذ للهرب ونصيحة للمعارضة يصدقوا مع مانفسهم حتى نصدقهم
ودام الوطن سالما معافى وشكرا
الموضوع : ثورة الجياع تجتاح المدن العربية المصدر : منتديات شمير الكاتب: حسن البكري
توقيع العضو : حسن البكري |