قصة تفيض منها الدموع ... التوكل على الله
نجد الكثير من تلك المواقف العجيبة في صفحات الماضي وطياته، كما نجدها كذلك في جنبات
الحاضر.
كان حاتم الأصم رجلا كثير العيال قليل المال، ولكنه كان حسن التوكل شديد الاجتهاد في الطاعات
جلس ذات ليلة يتحدث مع أصحابه فتعرضوا لذكر الحج، فداخل الشوق قلبه، فدخل على أولاده
وجلس معهم يحدثهم، فقال لهم: "لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا، ويدعو
لكم، ماذا عليكم لو فعلتم؟".
فقالت زوجته وأولاده: "أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا، ونحن على ما ترى من الفاقة، فكيف
تريد ذلك ونحن بهذه الحالة؟".
وكان له ابنة صغيرة فقالت: "ماذا عليكم لو أذنتم له، ولا يهمكم ذلك، دعوه يذهب حيث شاء فإنه
مناول الرزق، وليس برازق".
فقالوا: "صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا، انطلق حيث أحببت".
فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج، وخرج مسافرا، فأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم
يوبخونهم، كيف أذنوا له بالحج، وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه، فجعل أولاده يلومون تلك
الصغيرة، ويقولون: "لو سكت ما تكلمنا".
فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك، وأنك لا
تضيعهم، فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم".
فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه وأصابه عطش
شديد، فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء، وقرع الباب فقالوا: "من
أنت؟".
قال: "الأمير ببابكم يستسقيكم".
فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي سبحانك، البارحة بتنا جياعا، واليوم
يقف الأمير على بابنا يستسقينا".
ثم إنها أخذت الابنة الصغيرة وعاءً وملأته ماء، وقالت للمتناول منها: "اعذرونا".
فأخذ الأمير الوعاء منها وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال: "هذه الدار لأمير".
فقالت : "لا والله، بل لعبد من عباد الله الصالحين عرف بحاتم الأصم".
فقال الأمير: "لقد سمعت به".
فقال الوزير: "يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا .
فقال الأمير: "ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم، وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم".
ثم حلّ الأمير منطقته (حزامه) من وسطه ورمى بها في الدار، ثم قال لأصحابه: "من أحبني فليلقِ
منطقته".
فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا.
فقال الوزير لأبناء حاتم: "السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق".
فلما نزل الأمير رجع إليهم الوزير، ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا، واستردها منهم. فلما رأت
الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاءً شديدا فقالوا لها: "ما هذا البكاء إنما يجب إن تفرحي، فإن الله
وسع علينا".
فقالت: "يا أم، والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة، فأغنانا بعد
فقرنا ... فكيف اذا نظر الينا الخالق
نجد الكثير من تلك المواقف العجيبة في صفحات الماضي وطياته، كما نجدها كذلك في جنبات
الحاضر.
كان حاتم الأصم رجلا كثير العيال قليل المال، ولكنه كان حسن التوكل شديد الاجتهاد في الطاعات
جلس ذات ليلة يتحدث مع أصحابه فتعرضوا لذكر الحج، فداخل الشوق قلبه، فدخل على أولاده
وجلس معهم يحدثهم، فقال لهم: "لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا، ويدعو
لكم، ماذا عليكم لو فعلتم؟".
فقالت زوجته وأولاده: "أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا، ونحن على ما ترى من الفاقة، فكيف
تريد ذلك ونحن بهذه الحالة؟".
وكان له ابنة صغيرة فقالت: "ماذا عليكم لو أذنتم له، ولا يهمكم ذلك، دعوه يذهب حيث شاء فإنه
مناول الرزق، وليس برازق".
فقالوا: "صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا، انطلق حيث أحببت".
فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج، وخرج مسافرا، فأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم
يوبخونهم، كيف أذنوا له بالحج، وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه، فجعل أولاده يلومون تلك
الصغيرة، ويقولون: "لو سكت ما تكلمنا".
فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك، وأنك لا
تضيعهم، فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم".
فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه وأصابه عطش
شديد، فاجتاز بيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء، وقرع الباب فقالوا: "من
أنت؟".
قال: "الأمير ببابكم يستسقيكم".
فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت: "إلهي وسيدي سبحانك، البارحة بتنا جياعا، واليوم
يقف الأمير على بابنا يستسقينا".
ثم إنها أخذت الابنة الصغيرة وعاءً وملأته ماء، وقالت للمتناول منها: "اعذرونا".
فأخذ الأمير الوعاء منها وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال: "هذه الدار لأمير".
فقالت : "لا والله، بل لعبد من عباد الله الصالحين عرف بحاتم الأصم".
فقال الأمير: "لقد سمعت به".
فقال الوزير: "يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا .
فقال الأمير: "ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم، وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم".
ثم حلّ الأمير منطقته (حزامه) من وسطه ورمى بها في الدار، ثم قال لأصحابه: "من أحبني فليلقِ
منطقته".
فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا.
فقال الوزير لأبناء حاتم: "السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق".
فلما نزل الأمير رجع إليهم الوزير، ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا، واستردها منهم. فلما رأت
الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاءً شديدا فقالوا لها: "ما هذا البكاء إنما يجب إن تفرحي، فإن الله
وسع علينا".
فقالت: "يا أم، والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا، فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة، فأغنانا بعد
فقرنا ... فكيف اذا نظر الينا الخالق
الموضوع : قصة تفيض منها الدموع ... التوكل على الله المصدر : منتديات شمير الكاتب: ابووهب الشميري
توقيع العضو : ابووهب الشميري |