لقد أكد الاسلام الجانب التربوي والتربية الاخلاقية وبنى موازنة اخلاقية وتعبدية لتوضيح نتائج الغيبة وتبعاتها ومردوداتها السلبية على من يمارس الغيبة فقال- الرسول الكريم- ص-)
"لا تطلبوا عثرات المؤمنين، فان من تتبع عثرات أخيه تتبع الله عثرته، ومن تتبع الله عثرته فضحه ولو في جوف بيته"
"يا معشر من آمن بلسانه، ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا الناس، ولا تتبعوا عوراتهم، فانه من تتبّع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته"
"من أذاع فاحشة كان كمبتديها، ومن عيَّرَ مؤمنا بشيىء لم يمت حتى يركبه"
وروي عن المسيح عليه السلام قوله: "لا تَغْتَب فتُغْتَب، ولا تحفر لاخيك حفرة فتقع فيها، فانك كما تُدين تُدان"
فليحذر المغتاب العقوبة الالهية في الدنيا قبل الاخرة.. وانه سيلاقي جزاء عمله أخلاقياً كما سيحمل الاثم والعقوية القضائية والاخروية..
فمن يتتبع العثرات ولا يقيلها ولا يسترها، ويعمل على نشرها والاساءة الى من بدرت منه، وستر الله عليه.. فسيعاقبه الله بالفضيحة وسوء السمعة.. ولو كان في جوف بيته.. أي مهما حاول التسترعلى ما عنده من نقائص وعيوب وحالات قُصور..
فان الله فاضحه ومبدي عيبه ومعاقبه بفعله وإساءته للمؤمنين.. حينما خاطب الانسان المؤمن بقوله: "اذكر أخاك اذا توارى عنك بما تحب ان يذكرك به اذا تواريت عنه، ودعه من كل ما تحب ان يدعك منه، فان ذلك هو العمل، واعمل عمل من يعلم انه مجزيُّ بالاحسان، مأخوذ بالاجرام"
ان مثل هذه الموازنة الاخلاقية تربي في نفس الانسان المؤمن روح المساواة مع الاخرين والحرص على سمعتهم كما يحب هو ان يحرص على سمعته لتجريده من الانانية المقيته والسلوك والعدواني.. وليجعل له مقياساً واضحاً للسلوك والاخلاق.. لمعالجة النقص في التكوين النفسي للفرد والجماعة.
2- الكبرياء والتعالي: ومن الدوافع للغيبة هو دافع الكبريا والتعالي.. ومحاولة عرض الاخرين واظهارهم بالصورة المحتقرة الذميمة.. للسخرية والاهانة.
3- ضعف الشخصية والجبن والادبي: فقد يلجأ بعض ضعاف الشخصية والعناصر الهزيلة الجبانة لأغتياب الاخرين للضعف والجبن الكامن في نفوسهم.
فتنشأ هذه العقدة النفسية ظاهرة الاغتياب لتحقيق غرضين اثنين هما:
أ- ارضاء الاخرين من الذين يرغبون في هدم هذه الشخصية واسقاطها واضعاف مكانتها فيشاركهم لارضائهم وتنفيذ رغباتهم الشخصية المريضة بالغيبة وذكر العيوب في محاولة منه لا سقاط الشخص الغائب كثمن لكسب رضاهم.. ونيل قبولهم.
ب- الحسد والانتقام والعجز عن الرقي الى مستوى الاخرين فيلجأ الى الهجوم عليهم والانتقاص منهم في غيبتهم كموقف تعويضي ملتو للتعبير عن عقدة الحسد والعجز عن الرقي الى مستوى ذلك الشخص فيلجأ الى اسقاطه بذكر بعض النواقص والعيوب التي اطلع عليها.
ولخص كتاب مصباح الشريعة أسباب الغيبة ودوافعها النفسية بقوله:
"وأصل الغيبة متنوع بعشرة أنواع: 1- شفاء الغيظ 2- مساعدة قوم 3- وتهمة 4- وتصديق خبر بلا كشفه 5- وسوء الظن 6- وحسد 7- وسخرية 8- وتعجب 9- وتبرم 10- وتزوين.
ثم عقب بقوله: فان أردت الاسلام، فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة ومكان الاثم ثواباً"