سقطرى.. جزيرة دم التنين
سقطرى بضم أوله وثانيه وسكون الطاء وراء وألف مقصورة، ورواه ابن القطاع بالمد (سقطرا).. ويقال فيها أيضاَ: سقطرة، وسوقطرة، والأصح الغالب (سقطرى)..هي أهم جزيرة من جزر اليمن وممتلكاته في العصور المتوغلة في القِدم، وفيها عدة قرى اليوم أصبحت مدناً، وهي إلى بحر العرب أقرب منها إلى بحر الهند. والسالك إلى جزيرة مدغشقر ودار السلام وبر الزنج (الساحل الإفريقي) يمر عليها.
وقد أطلق على الجزيرة عدة أسماء، منها: "الجزيرة المنسية" كما أطلق عليها العالم جان بيرني، و"جزيرة دم التنين"، وسماها بعض العرب الأقدمون كذلك "جنة عبقر"، وعبقر في القاموس اللغوي العربي "موضع كثير الجن..والعبقري الكامل من كل شيء".
سقطرى قال عنها جان جان بيرني: "سقطرى: جزيرة المحيط الهندي، تلقب أيضً بجزيرة دم التنين، ما زال أهلها الذين يجنون الصبر والبخور عراة يتكلمون لغة غريبة [هي اللغة الحميرية] ويزاولون عبادات قديمة في لباس إسلامي. وقد بقيت هذه الجزيرة في معزل عن نفوذ كل أجنبي وكل احتلال لصعوبة الاقتراب منها دائماً واستحالة ذلك أحياناً. وسقطرى ومهرة تشكل سلطنة كشن، ويعيش سكانها من تربية المواشي وقليل من الزراعة وصيد الأسماك، ويغطس سكان السواحل للبحث عن اللؤلؤ في بحر زنجيل. ويسكن القسم الأكبر من الأهلين في مغارات التلال الصخرية في الداخل بين الأشجار التي تعطي لآلئ من نوع آخر هي كتل البخور". ويضيف أيضاً: "كانت جزيرة سقطرى إحدى تلك المناطق الضائعة المتأخرة إلى درجة لا يقبلها العقل في عالم مليء بالرحالين والعسكريين المنقبين عن البترول".
ويقول عنها الهمداني في الإكليل والصفة: "جزيرة سقطرى هي جزيرة طولها ثمانون فرسخاً بزعمه، وبها الصبر السقطري وبها نخل كثير، ويسقط إليها العنبر، وبها دم الأخوين. وبجزيرة سقطرى من جميع قبائل مهرة، فإذا قيل لمهري ياسقطري غضب". كما أن بعض المصادر القديمة تذكر أن الجزيرة كانت تشكل العصر المسيحي القديم، وعلى سبيل المثال جاء في كتاب الطواف حول البحر الإرتيري أن "جزيرة سقطرى كبيرة قاحلة كانت تتواجد فيها السلاحف والسحالي الكبيرة وفي أنهارها توجد التماسيح"، وقد وصفت الجزيرة بأنها مكان تجاري حيوي للمسافرين على طريق البحر الذي يربط الجزيرة العربية قبل ميلاد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم.
السكان:
تتميز الجزيرة بقلة عددها السكاني؛ وهم خليط من العرب الأقدمين والهنود وبعض اليونانيين الذين هاجروا إليها من أجل التجارة. وكما كانت الجزيرة موئلاً للتجارة من كثير من الأعراق والأجناس بعضهم استوطنها فيما بعد. وشكلت الجزيرة تجانساً ثقافيا ً تلتقي فيها كثير من التنوعات في عيش ووئام.
يذكر بعض أهل السير أن كسرى جعل جزيرة سقطرى منفى لبعض الروم فعمروا بذلك حتى عبرت إليهم مهرة فغلبت عليهم وعلى الجزيرة.
وقال أبو راشد (خبير باليمنيين وسكن بينهم في سواحل حضرموت في القرن الثالث الهجري) وإنما سقطرى الروم لذين كانوا بها من أولاد الروم فدخلوا في نسب القمر من مهرة وهم معروفون".
قال أبو راشد أيضاً: "وقد يقولون: إنه لم يكن بها روم ولكن رهبانية على دين الروم من النصرانية حتى دخلتها الشراة من مهرة وحضرموت فقتلوا من بها.
كما اتخذت الجزيرة ملجأً للخوارج في مطلع القرن الثاني الهجري وهم الشراة..والشراة فرقة من فرق الخوارج الواحد منهم "شارٍ" سموا بذلك لقولهم: شرينا أنفسنا في طاعة الله.
وتقول بعض المصادر أن أرخبيل سقطرى كان يقطنه قبائل من عرب جنوب الجزيرة العربية قبل حوالي ثلاثة آلاف عام، كما أن المصادر الكلاسيكية تذكر أن البحارة والتجار من امبراطوريات التجارة القديمة العظيمة قاموا بزيارة مركز الجزيرة بسبب موقعها على طريق التجارة القديم (طريق اللبان) بين سيناء والهند، واشتهرت الجزيرة بأنها مصدر لبعض السلع النباتية القيمة جداً مثل الصبر والمر والبخور واللبان.
وصارت بعد ذلك موئلاً كذلك للبعثات الاستكشافية والدراسات الحيوية والطبيعية فزارتها الكثير من البعثات من جنسيات أوروبية وشرقية مختلفة تدرس حالات وتنوع النباتات والطيور والحيوانات بين فترات مختلفة بدءاً من القرن السابع عشر وحتى اليوم.
التنوع النباتي:
تقول الدراسات إن الجزيرة تحوي 825 نوعاً من النباتات المزدهرة ونباتات السرخس منها 12 جنساً و307 أنواع. وتسيطر الأشجار العصارية على نمط الحياة النباتية في الجزيرة ومنها شجرة الخيار (القحم السقطري) وشجرة الإيغوربيا (شجرة أمته).
وبتشكيلة نباتية فريدة يسيطر على الغابة الشديدة الخضرة شجرة دم الأخوين (ولعل هذه الشجرة هي سبب تسمية الجزيرة بجزيرة دم التنين الذي أطلقها جان بيرني) والتي تعد أهم معلم لجزيرة سقطرى، ومصدر الراتنج (مادة صمغية حمراء اللون) القيِّمة التي تستخدم اليوم كنوع من مادة طبية تستخدم للتطبب بها، وقديماً كانت تستخدم في الصقل والطلاء، ويستخدمه السكان المحليون لأغراض مختلفة. ويتم استخراج هذه المادة من لحاء شجرة دم الأخوين بوخزها حتى تسيل تلك المادة فيتم تجفيفها وتباع كفصوص متحجرة مثلها مثل ماء شجرة الصبر الذي يستخدم في التطبيب اليوم كمضاد حيوي فعال ونشط.
وقد وجد في أحد جبال سقطرى أهم اكتشافات العالم النباتي إسحاق بلفور عام 1880م نبات البغونيا المستوطن حيث تظهر زهزورها الوردية الناصعة في شهر ديسمبر والتي جذبت اهتمام الكثير من علماء البساتين الفيكتوريين المتلهفين لتطوير أنواع جديدة من الزهور. وأصبح الاكتشاف السقطري هذا لبلفور هو الأساس الأول للنباتات الهجينة المزدهرة شتاءً.
الطيور:
تعتبر سقطرى إحدى مناطق الطيور المستوطنة المهمة عالمياً لأكثر من 221 نوعاً -بحسب دراسات المنظمة الدولية لحياة الطيور. وقد سُجل حتى الآن وجود أكثر من 190 نوعاً من الطيور مع تسجيل كل عام نوع جديد من الطيور، ويوجد منها 41 نوعاً من الطيور الداجنة المربية المعروفة، وسبعة منها مستوطنة. وقد تبيّن في الاكتشاف الأخير أن طيور المازور التي تعشعش في المنحدرات، تعتبر المستعمرة الأولى التي عرفت في العالم بالنسبة لطيور التربية. وقد أوضحت الدراسة الأخيرة للمنظمة الدولية المختصة بحياة الطيور، مدى الأهمية التي تتميز بها ثلاثة أنواع من طيور التربية السقطرية القابلة للانقراض، وهي طائر الغاق السقطري، وطائر السيستي كولا، وطائر الدرسة السقطري، بينما طائر المازور والطائر المائي الفارسي ما زالت مهددة بالانقراض.
الثقافة:
نظراً لأن سقطرى موئلاً لمستوطنين جُدد من التجار والبحارة والرحالة من أعراق وجنسيات مختلفة شكّل العرب اليمنيون غالبيتهم، يبلغ تعدادهم اليوم أكثر من خمسين ألف نسمة، إلا أن ثقافتهم ذابت في المحيط الأصلي الذي يكونه الإنسان اليمني القديم، وغلبت على الجميع اللغة السقطرية المهرية (الحميرية القديمة) والتي تُعد من اللغات السامية الأولى للوطن العربي، ويتحدث سكان سقطرى هذه اللغة في منازلهم وبين أصدقائهم وحياتهم الخاصة، بينما تُعد اللغة العربية الحديثة هي لغة الثقافة العامة والدراسة. واللغة السقطرية نفسها ليست متجانسة، حيث إن سكان جزيرة عبد الكوري يتحدثون بلهجة محلية خاصة بهم وتتميّز بالشعر والأغنية، فالصلة بين السكان والطبيعة وطريقة حياتهم الرعوية تنعكس في كلماتهم المعقّدة ومواضيع أشعارهم وأغانيهم، وتصف –على سبيل المثال- مراحل نمو مواشيهم وأنواعاً مختلفة من الغيوم والمطر وحالة نمو المرعى وطعام الماشية وأجواء الطبيعة والجغرافيا.
وقد وصف هؤلاء السكان ولغتهم جان بيرني في منتصف القرن الماضي بـ"أنهم عُراة يتكلمون لغة غريبة ويزاولون عبادات قديمة في لباس إسلامي تخضع لسلطان مستبد يجهل حتى عود الثقاب في عصر الصواريخ".
احتلال الجزيرة:
مثلت الجزيرة عبر أزمانها المختلفة محطة لأطماع الطامعين لاحتلالها من قبل بعض الإمبراطوريات المختلفة على مر التاريخ؛ إذ تقول بعض المصادر إن الإسكندر العظيم اليوناني احتل الجزيرة في العام 330 قبل الميلاد، وأقام عليها مستعمرة يونانية لإدارة تجارة الصبر السقطري واللبان والبخور والمر.. وحينما اكتشف الرومان مصادر البخور واللبان وبعض التوابل والجلود والذي كان تجارة يمنية بامتياز (وهي سقطرى وحضرموت) في أواخر القرن الثاي قبل الميلاد، سعى الرومان لاحتلال الجزيرة وكسر احتكار اليمنيين لتلك التجارة.. وهذا يثبت ما قيل عن بقايا بعض الرومان في الجزيرة حتى مجيء الإسلام.
ثم جاء الاحتلال الفارسي، الذي قالت بعض المصادر إن كسرى نفى إليها بعض الرومان من البلدات الرومانية.
كما احتل البرتغاليون الجزيرة في عام 1507 ميلادية، وذلك قبل اكتشافهم طريق رأس الرجاء الصالح والاستغناء عن باب المندب. وقد قاومت قبائل المهرة هذا الاحتلال؛ فانسحبوا عنها عام 1511، وعادت الجزيرة مرة أخرى إلى سيطرة المهرة.
وفي بداية القرن التاسع عشر، بدأ الاهتمام مرة أخرى بطريق عدن – الهند، فاحتلت بريطانيا عدن عام 1839، ورفع العلم البريطاني على جزيرة سقطرى إيذاناً بضمها للمستعمرة البريطانية عام 1886، وبخروج الاحتلال البريطاني عام 1967، عادت سقطرى مرة أخرى لأحضان الوطن الأم (اليمن).
سقطرى بضم أوله وثانيه وسكون الطاء وراء وألف مقصورة، ورواه ابن القطاع بالمد (سقطرا).. ويقال فيها أيضاَ: سقطرة، وسوقطرة، والأصح الغالب (سقطرى)..هي أهم جزيرة من جزر اليمن وممتلكاته في العصور المتوغلة في القِدم، وفيها عدة قرى اليوم أصبحت مدناً، وهي إلى بحر العرب أقرب منها إلى بحر الهند. والسالك إلى جزيرة مدغشقر ودار السلام وبر الزنج (الساحل الإفريقي) يمر عليها.
وقد أطلق على الجزيرة عدة أسماء، منها: "الجزيرة المنسية" كما أطلق عليها العالم جان بيرني، و"جزيرة دم التنين"، وسماها بعض العرب الأقدمون كذلك "جنة عبقر"، وعبقر في القاموس اللغوي العربي "موضع كثير الجن..والعبقري الكامل من كل شيء".
سقطرى قال عنها جان جان بيرني: "سقطرى: جزيرة المحيط الهندي، تلقب أيضً بجزيرة دم التنين، ما زال أهلها الذين يجنون الصبر والبخور عراة يتكلمون لغة غريبة [هي اللغة الحميرية] ويزاولون عبادات قديمة في لباس إسلامي. وقد بقيت هذه الجزيرة في معزل عن نفوذ كل أجنبي وكل احتلال لصعوبة الاقتراب منها دائماً واستحالة ذلك أحياناً. وسقطرى ومهرة تشكل سلطنة كشن، ويعيش سكانها من تربية المواشي وقليل من الزراعة وصيد الأسماك، ويغطس سكان السواحل للبحث عن اللؤلؤ في بحر زنجيل. ويسكن القسم الأكبر من الأهلين في مغارات التلال الصخرية في الداخل بين الأشجار التي تعطي لآلئ من نوع آخر هي كتل البخور". ويضيف أيضاً: "كانت جزيرة سقطرى إحدى تلك المناطق الضائعة المتأخرة إلى درجة لا يقبلها العقل في عالم مليء بالرحالين والعسكريين المنقبين عن البترول".
ويقول عنها الهمداني في الإكليل والصفة: "جزيرة سقطرى هي جزيرة طولها ثمانون فرسخاً بزعمه، وبها الصبر السقطري وبها نخل كثير، ويسقط إليها العنبر، وبها دم الأخوين. وبجزيرة سقطرى من جميع قبائل مهرة، فإذا قيل لمهري ياسقطري غضب". كما أن بعض المصادر القديمة تذكر أن الجزيرة كانت تشكل العصر المسيحي القديم، وعلى سبيل المثال جاء في كتاب الطواف حول البحر الإرتيري أن "جزيرة سقطرى كبيرة قاحلة كانت تتواجد فيها السلاحف والسحالي الكبيرة وفي أنهارها توجد التماسيح"، وقد وصفت الجزيرة بأنها مكان تجاري حيوي للمسافرين على طريق البحر الذي يربط الجزيرة العربية قبل ميلاد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم.
السكان:
تتميز الجزيرة بقلة عددها السكاني؛ وهم خليط من العرب الأقدمين والهنود وبعض اليونانيين الذين هاجروا إليها من أجل التجارة. وكما كانت الجزيرة موئلاً للتجارة من كثير من الأعراق والأجناس بعضهم استوطنها فيما بعد. وشكلت الجزيرة تجانساً ثقافيا ً تلتقي فيها كثير من التنوعات في عيش ووئام.
يذكر بعض أهل السير أن كسرى جعل جزيرة سقطرى منفى لبعض الروم فعمروا بذلك حتى عبرت إليهم مهرة فغلبت عليهم وعلى الجزيرة.
وقال أبو راشد (خبير باليمنيين وسكن بينهم في سواحل حضرموت في القرن الثالث الهجري) وإنما سقطرى الروم لذين كانوا بها من أولاد الروم فدخلوا في نسب القمر من مهرة وهم معروفون".
قال أبو راشد أيضاً: "وقد يقولون: إنه لم يكن بها روم ولكن رهبانية على دين الروم من النصرانية حتى دخلتها الشراة من مهرة وحضرموت فقتلوا من بها.
كما اتخذت الجزيرة ملجأً للخوارج في مطلع القرن الثاني الهجري وهم الشراة..والشراة فرقة من فرق الخوارج الواحد منهم "شارٍ" سموا بذلك لقولهم: شرينا أنفسنا في طاعة الله.
وتقول بعض المصادر أن أرخبيل سقطرى كان يقطنه قبائل من عرب جنوب الجزيرة العربية قبل حوالي ثلاثة آلاف عام، كما أن المصادر الكلاسيكية تذكر أن البحارة والتجار من امبراطوريات التجارة القديمة العظيمة قاموا بزيارة مركز الجزيرة بسبب موقعها على طريق التجارة القديم (طريق اللبان) بين سيناء والهند، واشتهرت الجزيرة بأنها مصدر لبعض السلع النباتية القيمة جداً مثل الصبر والمر والبخور واللبان.
وصارت بعد ذلك موئلاً كذلك للبعثات الاستكشافية والدراسات الحيوية والطبيعية فزارتها الكثير من البعثات من جنسيات أوروبية وشرقية مختلفة تدرس حالات وتنوع النباتات والطيور والحيوانات بين فترات مختلفة بدءاً من القرن السابع عشر وحتى اليوم.
التنوع النباتي:
تقول الدراسات إن الجزيرة تحوي 825 نوعاً من النباتات المزدهرة ونباتات السرخس منها 12 جنساً و307 أنواع. وتسيطر الأشجار العصارية على نمط الحياة النباتية في الجزيرة ومنها شجرة الخيار (القحم السقطري) وشجرة الإيغوربيا (شجرة أمته).
وبتشكيلة نباتية فريدة يسيطر على الغابة الشديدة الخضرة شجرة دم الأخوين (ولعل هذه الشجرة هي سبب تسمية الجزيرة بجزيرة دم التنين الذي أطلقها جان بيرني) والتي تعد أهم معلم لجزيرة سقطرى، ومصدر الراتنج (مادة صمغية حمراء اللون) القيِّمة التي تستخدم اليوم كنوع من مادة طبية تستخدم للتطبب بها، وقديماً كانت تستخدم في الصقل والطلاء، ويستخدمه السكان المحليون لأغراض مختلفة. ويتم استخراج هذه المادة من لحاء شجرة دم الأخوين بوخزها حتى تسيل تلك المادة فيتم تجفيفها وتباع كفصوص متحجرة مثلها مثل ماء شجرة الصبر الذي يستخدم في التطبيب اليوم كمضاد حيوي فعال ونشط.
وقد وجد في أحد جبال سقطرى أهم اكتشافات العالم النباتي إسحاق بلفور عام 1880م نبات البغونيا المستوطن حيث تظهر زهزورها الوردية الناصعة في شهر ديسمبر والتي جذبت اهتمام الكثير من علماء البساتين الفيكتوريين المتلهفين لتطوير أنواع جديدة من الزهور. وأصبح الاكتشاف السقطري هذا لبلفور هو الأساس الأول للنباتات الهجينة المزدهرة شتاءً.
الطيور:
تعتبر سقطرى إحدى مناطق الطيور المستوطنة المهمة عالمياً لأكثر من 221 نوعاً -بحسب دراسات المنظمة الدولية لحياة الطيور. وقد سُجل حتى الآن وجود أكثر من 190 نوعاً من الطيور مع تسجيل كل عام نوع جديد من الطيور، ويوجد منها 41 نوعاً من الطيور الداجنة المربية المعروفة، وسبعة منها مستوطنة. وقد تبيّن في الاكتشاف الأخير أن طيور المازور التي تعشعش في المنحدرات، تعتبر المستعمرة الأولى التي عرفت في العالم بالنسبة لطيور التربية. وقد أوضحت الدراسة الأخيرة للمنظمة الدولية المختصة بحياة الطيور، مدى الأهمية التي تتميز بها ثلاثة أنواع من طيور التربية السقطرية القابلة للانقراض، وهي طائر الغاق السقطري، وطائر السيستي كولا، وطائر الدرسة السقطري، بينما طائر المازور والطائر المائي الفارسي ما زالت مهددة بالانقراض.
الثقافة:
نظراً لأن سقطرى موئلاً لمستوطنين جُدد من التجار والبحارة والرحالة من أعراق وجنسيات مختلفة شكّل العرب اليمنيون غالبيتهم، يبلغ تعدادهم اليوم أكثر من خمسين ألف نسمة، إلا أن ثقافتهم ذابت في المحيط الأصلي الذي يكونه الإنسان اليمني القديم، وغلبت على الجميع اللغة السقطرية المهرية (الحميرية القديمة) والتي تُعد من اللغات السامية الأولى للوطن العربي، ويتحدث سكان سقطرى هذه اللغة في منازلهم وبين أصدقائهم وحياتهم الخاصة، بينما تُعد اللغة العربية الحديثة هي لغة الثقافة العامة والدراسة. واللغة السقطرية نفسها ليست متجانسة، حيث إن سكان جزيرة عبد الكوري يتحدثون بلهجة محلية خاصة بهم وتتميّز بالشعر والأغنية، فالصلة بين السكان والطبيعة وطريقة حياتهم الرعوية تنعكس في كلماتهم المعقّدة ومواضيع أشعارهم وأغانيهم، وتصف –على سبيل المثال- مراحل نمو مواشيهم وأنواعاً مختلفة من الغيوم والمطر وحالة نمو المرعى وطعام الماشية وأجواء الطبيعة والجغرافيا.
وقد وصف هؤلاء السكان ولغتهم جان بيرني في منتصف القرن الماضي بـ"أنهم عُراة يتكلمون لغة غريبة ويزاولون عبادات قديمة في لباس إسلامي تخضع لسلطان مستبد يجهل حتى عود الثقاب في عصر الصواريخ".
احتلال الجزيرة:
مثلت الجزيرة عبر أزمانها المختلفة محطة لأطماع الطامعين لاحتلالها من قبل بعض الإمبراطوريات المختلفة على مر التاريخ؛ إذ تقول بعض المصادر إن الإسكندر العظيم اليوناني احتل الجزيرة في العام 330 قبل الميلاد، وأقام عليها مستعمرة يونانية لإدارة تجارة الصبر السقطري واللبان والبخور والمر.. وحينما اكتشف الرومان مصادر البخور واللبان وبعض التوابل والجلود والذي كان تجارة يمنية بامتياز (وهي سقطرى وحضرموت) في أواخر القرن الثاي قبل الميلاد، سعى الرومان لاحتلال الجزيرة وكسر احتكار اليمنيين لتلك التجارة.. وهذا يثبت ما قيل عن بقايا بعض الرومان في الجزيرة حتى مجيء الإسلام.
ثم جاء الاحتلال الفارسي، الذي قالت بعض المصادر إن كسرى نفى إليها بعض الرومان من البلدات الرومانية.
كما احتل البرتغاليون الجزيرة في عام 1507 ميلادية، وذلك قبل اكتشافهم طريق رأس الرجاء الصالح والاستغناء عن باب المندب. وقد قاومت قبائل المهرة هذا الاحتلال؛ فانسحبوا عنها عام 1511، وعادت الجزيرة مرة أخرى إلى سيطرة المهرة.
وفي بداية القرن التاسع عشر، بدأ الاهتمام مرة أخرى بطريق عدن – الهند، فاحتلت بريطانيا عدن عام 1839، ورفع العلم البريطاني على جزيرة سقطرى إيذاناً بضمها للمستعمرة البريطانية عام 1886، وبخروج الاحتلال البريطاني عام 1967، عادت سقطرى مرة أخرى لأحضان الوطن الأم (اليمن).
الموضوع : سقطرى.. جزيرة دم التنين .. المصدر : منتديات شمير الكاتب: انيس احمد العاقل
توقيع العضو : انيس احمد العاقل |