المتاجرون بالوطن..!!
في هذه اللحظة الفارقة والصعبة التي تمر بها المنطقة العربية وما تفرزه من تداعيات على الوطن اليمني، فإننا نعول كثيراً على العقلاء في هذا الوطن المشهود لهم بالتوازن والاعتدال في القول والفعل والحرص على مصلحة الوطن وأمنه واستقراره، ألاَّ تخفت أصواتهم في هذه اللحظة التي ترتفع فيها أصوات الغوغاء ودعاة الفوضى وأصحاب الأجندات التدميرية الساعية إلى إغراق هذا الوطن في أتون الفتن والاضطرابات والتوترات.
ذلك أن مسؤولية هؤلاء العقلاء تقتضي منهم
المسارعة في نُصح أولئك الذين أعمتهم مصالحهم الأنانية وحساباتهم الضيقة عن رؤية مصلحة وطنهم وشعبهم فانساقوا دون وعي إلى التحريض على التظاهرات التي يتداخل فيها الحق في التعبير عن الرأي مع بعض التصرفات الخاطئة التي تتجاوز هذا الحق إما عن طريق الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بالتخريب والتدمير أو عبر إقلاق السكينة العامة وزعزعة الأمن والاستقرار وتعطيل مصالح المواطنين وإحداث الانقسام في صفوف المجتمع.
وعليه فإذا كان الواجب الديني والوطني والأخلاقي يُلزمنا بأن نحمي وطننا من كل الزوابع والتحديات والأخطار، فإن من مقتضيات هذا الواجب ألاَّ نترك الحبل على الغارب لمجموعة من أصحاب الأجندات الخاصة يدفعون بهذا الوطن إلى طوفان الفوضى وذلك باستغلالهم بعض الشباب العاطلين أو غير الراشدين لتنفيذ مراميهم وغاياتهم التي تتصادم مع مصالح الوطن.
حيث لابد وأن يتم إرشاد أولئك الشباب الذين يتم التغرير بهم وغسل أدمغتهم بالشعارات الزائفة والمضللة، لحقيقة أن مَنْ يقودونهم إلى التجمهر والتظاهر وترديد ما يملى عليهم من العبارات المسيئة إنما يهدفون من وراء ذلك عرقلة وإعاقة التوجهات والجهود المبذولة اليوم من قبل الدولة والحكومة من أجل إيجاد فرص عمل لهم، وهي الجهود التي ستؤتي ثمارها ابتداءً من هذا العام وذلك باستيعاب نحو60 ألفاً من خريجي الجامعات والمعاهد المقيدين في سجلات طالبي الوظائف في وزارة الخدمة المدنية، فيما سيتم استيعاب البقية تباعاً في الأعوام القادمة.
كما أنه وكلما استتب الأمن والاستقرار في البلاد تدفقت المزيد من مشاريع الاستثمار الشقيقة والصديقة إلى اليمن وتوفرت فرص عمل ومصادر الرزق أمام آلاف الشباب.. وعلى العكس من ذلك في حال أنه إذا ما نجحت محاولات المغرضين في زعزعة الأمن والاستقرار، تقلصت هذه الفرص وازدادت معاناة اليمنيين جميعاً واتسعت رقعة البطالة ونُسب الفقر، وتراجعت معدلات النهوض والتطور والتقدم.
وطالما قد اخترنا في اليمن نهج الديمقراطية والتعددية السياسية، فإن من حق أي مواطن أن يُعبر عن رأيه ولكن فإن ممارسة هذا الحق المكفول دستورياً ينبغي ألاَّ تخرج عن الإطار السلمي أو تتجاوز قيم الحرية والديمقراطية وتجنح إلى الفوضى والعنف والتخريب وانتهاك قواعد النظام والقانون.
وكذلك الحال، مع من يسعى للوصول إلى السلطة فإن الطريق مفتوحة أمامه من خلال صناديق الاقتراع وكسب ثقة الشعب وليس عبر الفوضى والعنف والتخريب .. وليعلم كل طامح في كرسي الحكم أنه لا بديل عن هذه الوسيلة الحضارية والديمقراطية بعد أن تجاوزت اليمن زمن الانقلابات والوصاية على إرادة الشعب.
وما يجب التحذير منه هي تلك المحاولات البائسة التي لجأت إليها - مع الأسف- بعض العناصر والقوى السياسية غير المسؤولة بغية إثارة النعرات والفتن والضغائن والنزعات المناطقية بين أبناء الشعب اليمني الواحد وذلك بالترويج لبعض الشائعات المغرضة والدعوات السقيمة عبر مختلف وسائل الاتصال كالمدونات الالكترونية ومواقع الانترنت والرسائل النصية والصوتية بل وبعض وسائل الإعلام، وهو أسلوب أقل ما يُقال عنه أنه رخيص ومكشوف ومفرط في الإيذاء لهذا الوطن وشعبه!!.
وبوضوح شديد نقول لهؤلاء وأمثالهم أن من يريد إصلاحاً فإنه يتعين عليه أولاً أن يصلح نفسه، وأن يبتعد عن المراهقة السياسية، وأن يلتزم الصدق والحق، وأن يسلك الطريق الصحيح لبلوغ أهدافه، حيث وأن المقاصد النبيلة لايمكن أن يصل إليها أصحاب الأقدام المرتعشة والذمم الفاجرة والأفكار الفاسدة والأجندات الخاصة والمشبوهة والعقول الفارغة والضمائر الميتة، والذين يعتقدون أنهم من خلال تثوير الشارع وتجييش الغوغاء وتحريضهم على العنف والفوضى، سيحولون هذا الوطن إلى شركة خاصة أو مكتب تجاري للمساومة والتربح والتكسب، دون وعي من هؤلاء أننا في مرحلة لا مجال فيها للمتاجرة بالوطن والعبث بمقدراته ومنجزاته ومكاسبه.
الموضوع : المتاجرون بالوطن..!! المصدر : منتديات شمير الكاتب: انيس احمد العاقل
توقيع العضو : انيس احمد العاقل |