مجاري مديرية المظفر بتعز ..كارثة على مرأى ومسمع..!
مشروع طريق ربط شرق مدينة تعز بغربها إعترض مجرى سيول الأمطار فتحول إلى مستنقع وبؤرة للبعوض الناقل للأمراض وصارت “وايتات” الصرف الصحي تفرغ حمولتها فيه بدلاً من شفطه والأدهى قيام البعض بحفر آبار في محيط المستنقع وبيع المياه للمواطنين.
مشكلة طفح المجاري والمستنقعات في أحياء وشارع منطقة المطار القديم وبير باشا ووادي الدحي والحصب التي تقع في إطار مديرية المظفر بمحافظة تعز، تنذر بكارثة بيئية، وتهدد السكان بالرحيل فقد أصبحت كابوساً يؤرق حياة المواطنين في تلك المناطق؛ حيث تعاني هذه الأحياء من انفجار البيارات بشكل مستمر في الوقت الذي يكون فيه معظم شوارعها لا تزال ترابية وأراضي زراعية؛ الأمر الذي جعلها الأكثر تضرراً من غيرها بسبب طفح مجاري الصرف الصحي التي تصب في شارع الـ”30”بالمطار القديم ومنطقة الدمينة تتحول إلى حوض للمستنقعات والأوبئة..ولعل شارع الـ50الذي يعد من أهم الشوارع الحديثة، التي أنشئت مؤخراً لتربط شرق المدينة بغربها، بهدف إلى التخفيف من حركة الزحام لسير المرور لخير شاهد ومثال على المعاناة اليومية لساكني المنطقة والمارة فيه؛ بسبب تدفق المجاري من مختلف المناطق المجاورة لتستقر في إحدى الحقول الزراعية، التي تم حجزها لتصبح مستنقعا للمجاري بسبب سفلتة الشارع الجديد منذ أكثر من عامين.
فقد ترك ممر المجاري النازل في الخط الأسفلتي مغلقاً كما هو حتى اللحظة دون عمل عبارات أو مجرى للسيول والمجاري.
وتمثل معاناة المواطنين والساكنين في منطقة المطار القديم وحارة المغتربين الدمينة، والذين تحولت أحياؤهم إلى مستنقعات للبعوض والحشرات بشكل مخيف وأصبح المواطنون يعيشون في حالة قلق وصراع دائم مع البعوض ولا يستطيعون فتح نوافذ منازلهم خشية من لسعات البعوض”الناموس”والروائح الكريهة المنبعثة من طفح المجاري بصورة دائمة؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار العديد من الأمراض في أوساط المواطنين كالملاريا وبشكل كبير ومخيف مما اضطر بعض الساكنين لعرض منازلهم للبيع بأبخس الأثمان والرحيل لمكان آخر بسبب طفح المجاري وتجميعها في مستنقع “ساحل العاج” كما أطلق عليه الأهالي نتيجة لعدم استجابة الجهات المسئولة لمناشدتهم بفتح المجرى والممر والذي وصل أذاه إلى كافة المساكن والمحلات التجارية والشوارع الرئيسية.
مستنقع بالقرب من مركز طبي
ليس هذا فحسب فالمصيبة الأعظم أن تلك المستنقعات الراكدة إلى جانب وقوعها بالقرب من الأحياء السكنية، تطل على أهم مرفق صحي وطبي مركز “22”مايو الحديث، الذي تم افتتاحه مؤخراً لتقديم الرعاية الصحية للمواطنين.
هذه المأساة التي أقضت مضاجع الساكنين، الذين ابتلوا بهذه الكارثة، التي لم تعرها الجهات المعنية أي اهتمام رغم أن الأهالي قد شكوا إليهم مراراً وتكراراً دون أن تحرك ساكناً.
والأدهى من ذلك أن “بوابير ووايتات”الصرف الصحي تصب حمولتها في المستنقع بدلاً من شفطه؛ فالمنطقة بأكملها، أضحت بؤرة لنفايات ومخلفات مجاري المدينة..فضلاً عن أن البعض ممن استهواهم هذا الوضع من المستهترين الذين لم يكتفوا بهذه الكارثة بل زادوا الطين بلة حين أقدموا على سد وتضييق جميع منافذ مجرى السيل بهدف حصر مياه المجاري لتغذية آبار المياه التي انتشرت في الآونة الأخيرة بفضل هذا المستنقع دون عناء في حفر الآبار كل ما عليك فعله هو حفر عشرة أمتار فقط لتتدفق مياه الصرف الصحي، التي أصبحت ثروة بالنسبة لبعض عديمي الضمير الذين يبيعون لأصحاب الوايتات، التي تباع للمواطنين وأصحاب المطاعم على أنها مياه صافية دون خشية من أحد ويساعدهم على ذلك ويدفعهم للتمادي صمت الجهات المعنية بمديرية المظفر عن المأساة الأولى والتي فاقمت أي تصور والتي رصدتها عدسة الكاميرا بوضوح.
انتشار البعوض والحشرات
وما يحز في نفوس المواطنين أنهم على هذا الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات وشكواهم المستمرة ورغم ذلك لم يتغير شيء... ولا ندري، أين هو دور الجهات المعنية، التي لم تكلف نفسها بالنزول إلى الموقع لتلمس عن قرب تلك الكارثة ومعاناة المواطنين ـ أثناء جولتي الاستطلاعية للموقع المشار إليه برفقة أمين عام المجلس المحلي بالمظفر ومدير مكتب الصحة بالمديرية لم نستطع الوقوف أمام المستنقع لأكثر من دقيقتين ليتسنى لي التقاط الصور بسبب انبعاث الروائح الكريهة والخانقة وانتشار البعوض والحشرات فما بالكم بمعاناة ساكني المنطقة!
النوافذ مغلقة ليلاً ونهاراً
“الجمهورية” زارت الموقع عن قرب ورصدت المعاناة، كما وردت على لسان الأهالي، الذين عبروا عن استيائهم واستنكارهم للصمت المطبق للجهات المختصة يقول عبدالرحمن أحمد الشميري أحد ساكني تلك المناطق الموبوءة، الذي بدأ الحديث معنا عن قصة الأحواض حيث قال إن هذه الأحواض المجاورة لمنازلنا ترجع لمشروع الطريق في المنطقة منذ أكثر من ثلاث سنوات وبعد انتهاء عمل المشروع، لم تقم الشركة المنفذة للطريق بفتح عبارة للمجاري، كما كانت في السابق ويرجع السبب لبعض المتنفذين الذين أعاقوا عمل العبارات ومنعوا من إنشائها؛ كونهم مستفيدين من بقاء مستنقع المجاري، الذي تتغذى منه آبار المياه التابعة لهم؛ لذلك بقيت الأحواض التي تستخدم كمجمع للمجاري المتدفقة من المناطق المرتفعة عن المنطقة.
وأضاف: إن المجاري السابحة، تشكل خطورة كبيرة على سكان المنطقة، حيث خلقت بيئة غير صحية، نجم عنها انتشار العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة للمواطنين، حيث أصابت الصغار والكبار وما تسببه من روائح كريهة وحشرات مؤذية كالبعوض الناقل للملاريا؛ مما يضطرهم لعدم فتح نوافذهم طيلة فترات الليل والنهار ونحن نستخدم شتى أنواع المبيدات لمكافحة البعوض، والتي لم تعد تفي بالغرض خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي، نعيش في جحيم.
نزوح جماعي للسكان
جلال الشرعبي يرى أن السكن في المنطقة غير صالح؛ لأنها تفتقد لأبسط مقومات البيئة الصحية الآمنة وقال: إن معاناة سكان المنطقة بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات جراء مستنقع المجاري والبلاليع الطافحة دائمة الجريان ليلاً ونهاراً، تمر من أمام منازلهم لتستقر في حوض المجاري مسببة الأذى والضرر لهم ولجيرانهم ومنها انتشار الملاريا وغيرها مؤكداً أن (6)من أطفاله وأفراد أسرته تعرضوا لمرض حمى الضنك..بسبب البعوض الناقل للمرض ناهيك عن الروائح الكريهة، التي باتت تؤذي السكان ويفكر جلال الشرعبي بالانتقال من المنطقة أسوة بغيره ممن باعوا منازلهم بنصف القيمة لما لاقوه من معاناة فهم لم يحتملوا الروائح الكريهة، وما يتبعها من أمراض ورحلوا بعد أن يئسوا من عدم استجابة الجهات المختصة لمناشدتهم.
مؤكداً أنهم تقدموا بأكثر من شكوى للمحافظة وكان وكيلا المحافظة المهندس عبدالقادر حاتم وعارف مجور قد تفاعلا مع القضية...وتم توجيه مقاول المشروع بفتح العبارة لتصريف مجاري المستنقع كحل مؤقت؛ حتى يتم مواصلة أعمال مشروع المجاري الذي كثر الحديث عنه دون جدوى. وحتى هذه اللحظة لم توضع أي حلول فهل يعقل أن يترك الشخص منزله بعد أن عانى الأمرين والمنطقة تشهد حالياً نزوحا جماعيا للساكنين.
بيئة منفرة
ويشاركه الرأي الحاج عباس- مغترب وأحد سكان المنطقة قائلاً : لك أن تتخيل معاناة المغترب في المهجر لكسب الرزق كي يعود إلى وطنه لينعم بقضاء إجازته مع أطفاله في منزله، الذي باع من أجل إنشائه الغالي والنفيس ليتفاجأ بأنه لا يستطيع أن يمكث فيه أو يهنأ بالنوم فيه ولو لليلة واحدة فيضطر للتنقل من منطقة إلى أخرى.
ويرى سكان المنطقة أنه لا حلول سوى أن تفتح أحواض المجاري كما كانت في السابق أو يرحلون عن المنطقة أو يأتي الإخوة المسئولون في الجهات المعنية للسكن في المنطقة أو المبيت فيها لليلة واحدة فقط ليشعروا بحجم المعاناة.
شكاوى عديدة
زكي طاهر سلطان- عاقل عن المنطقة، عبر استيائه لعدم تجاوب الجهات المختصة مع معاناة المواطن والساكنين رغم متابعتهم للجهات ورفع الشكاوى العديدة لعمل الحلول لمستنقع المجاري ، الذي يقع وسط أكبر تجمع سكاني في المنطقة إضافة إلى تواجده بالقرب من أهم المنشآت الصحية والتعليمية مثل مجمع عائشة للبنات ومركز 22 مايو الصحي ومستشفى العرب، فسكان المنطقة يعانون الأمرين منذ أكثر من ثلاث سنوات، والسبب إنشاء الطريق الإسفلتي الجديد بشارع الخمسين لربط المدينة شرقها بغربها للتخفيف من حركة الزحام وهذا شيء جميل إلا أنه تسبب في حجز مياه المجاري المتدفقة من مناطق أخرى مرتفعة عن المنطقة، وأصبحت تتجمع في أحد الحقول الزراعية كحل مؤقت؛ حتى يتم استكمال عمل الطريق إلا أنه ومع الأسف الشديد ظل المستنقع، كما هو ولم يتم إخلاء سبيله كما كان في السابق بعد انتهاء مشروع الطريق دون عمل العبارات لتصريف هذه المجاري.
والمشكلة تقع على عاتق مؤسسة المياه والصرف الصحي والمجلس المحلي؛ كونهم لم يوفروا أدنى الخدمات للمجاري في المنطقة أو عمل الحلول قبل قيامهم بحجز ممر ومجرى المستنقع، الذي سبب العديد من الأمراض والأوبئة في أوساط المواطنين المقيمين في المنطقة، وكل مانأمله هو فتح ممر لمجاري المستنقع كما كان في السابق.
إلى أين التصريف!؟
منصور المخلافي عضو المجلس المحلي بمديرية المظفر قال: إن مشروع مجاري المنطقة الغربية، الجاري تنفيذه يعد مشروعا إستراتيجيا بتكلفة 65 مليون دولار، وسوف تشارك الحكومة الماليزية في تمويل هذا المشروع، وتتولى الحكومة اليمنية المساهمة والإشراف على التنفيذ.
فقد قام الماليزيون في عام 2007م بعمل مراجعة للدراسة، التي قام بها الفريق الأمريكي في عام 2006م، وبدأ العمل في كتلتين من المشروع الأول في منطقة فرزة النقل ـ العقبات والبعرارة ـ المدينة السكنية ـ جبل أبيض ـ جوار مدرسة علي بن أبي طالب ـ منطقة السروال ـ جزء من مدينة النور وبتكلفة 194مليون ريال ويقوم بالتنفيذ المقاول الشامي والكتلة الثانية وتشمل منطقة جامعة تعز ـ عمد ـ بير باشا ـ الحصب الجنوبي والحصب الشمالي ـ نادي الصقر ـ المغتربين بازرعة وجزءا من المطار القديم وبتكلفة إجمالية 224 مليون ريال وهذا المشروع مهم جداً وسوف يحل مشكلة مجاري بئر باشا وأسواقها الثمانية وينتهي بمحطة ترسيب، تمر بعدها الشبكة إلى منطقة مشروع مجاري تعز الجديد في المنطقة الشمالية الغربية، والتي تم اقتراحها من قبل الفريق الهندسي الماليزي وبإشراف من قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، والمهندس عبدالقادر حاتم وكيل المحافظة للشئون الفنية والبيئية وكذلك أشيد بالدور الكبير للأستاذ شوقي أحمد هائل- رئيس لجنة التخطيط والمالية والمجلس المحلي للمحافظة والإخوة في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز الذين يبذلون جهودا كبيرة في حل مشكلة مجاري المنطقة الشمالية الغربية لمدينة تعز، والتي تعيق حركة النمو العمراني في هذه المنطقة الشمالية وتسبب تلوثاً كبيراً في البيئة وأضراراً جسيمة على المواطن وتؤدي إلى تفشي الأمراض؛ كون حوض المجاري مكشوفا للعراء.. وأطمئن الإخوة المواطنين القاطنين في المنطقة؛ بكوني عضو المجلس المحلي أن المشروع الذي سيجري تنفيذه لن يسبب أي أضرار على السكان؛ كون المشروع يراعي أي جوانب أو آثار على البيئة والناس وهو جزء من المشروع الإستراتيجي الكبير، الذي سيتم تنفيذه خلال ثلاث سنوات للمنطقة الغربية وبتقنيات حديثة وأنظمة تراعي الحفاظ على البيئة.
وما نأمله خلال الأيام القادمة، أن يتم إزالة هذا المستنقع وعمل عبارات لممر المجاري كما كان في السابق كحل مؤقت.
محطة معالجة عملاقة
وحرصنا في الصحيفة على معرفة الإجراءات والحلول المتخذة من قبل الجهات المختصة بتعز، حيال هذه المشكلة التقينا بالأستاذ فؤاد الجابري مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي بالمحافظة وطرحنا على طاولته شكاوى ومعاناة المواطنين فأجاب:
إن مؤسسة المياه والصرف الصحي، يقع على عاتقها تنفيذ العديد من الأعمال والمهام ولعبت دوراً كبيراً، في تنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي، منها ما تم إنجازه، ومنها ما هو جار العمل فيه بوتيرة عالية إلى جانب متابعة ومعالجة مجمل الأعمال والإشكالات، التي تواجه سير أعمال التنفيذ وليس خافياً على أحد ما تحقق من إنجازات عملاقة على أرض الواقع المعاش خلال الفترة الماضية بفضل دعم واهتمام القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رائد البناء والتنمية في اليمن، والذي يولي جل اهتمامه لدعم وتحسين وضع مشاريع المياه والصرف الصحي، والتي ستجلب فوائد كبيرة كفيلة بتعزيز جوانب التنمية.
وبالنسبة لمشكلة طفح المجاري بمديرية المظفر ومعاناة المواطنين في منطقة المطار القديم خاصة بسبب مستنقع المجاري؛ نتيجة التسربات، التي تحدثها مجاري المناطق المجاورة والأعلى منها وتصب في هذا المجمع بشارع الـ30 نتيجة توقف العمل وقد تؤدي لأضرار بالبيئة والمجتمع؛ لذا نود التوضيح للإخوة المواطنين بأن هناك حلولاً جذرية للتغلب على مشكلة مستنقع المجاري في المطار القديم، وذلك خلال الثلاث الأشهر القادمة إن شاء الله.
وحالياً نحن بصدد استكمال إجراءات تنفيذ المشروع بشكل كامل، وسنقوم بمواصلة ربط الشبكة بالمنطقة، وهي عبارة عن خط رئيسي بدءاً من بوابات المدينة وحتى إلى مابعد آبار الدمينة.
حيث سيتم تنفيذ وحدة صحية لمعالجة مياه الصرف الصحي كمرحلة أولى، وهذه الوحدة الصحية، هي عبارة عن حلول جزئية مؤقتة؛ حتى يتم تنفيذ المشروع الإستراتيجي الهام للمنطقة الغربية الشمالية، والذي سيشمل تنفيذ محطة عملاقة لمعالجة مياه الصرف الصحي في الملتقى، وقد تم استكمال الدراسة النهائية للمشروع، والتي تتجاوز كلفته “7” مليارات ريال، تم رفعها لوزارة المياه والصرف الصحي.. ولايزال الموضوع يتابع من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالأستاذ حمود خالد الصوفي لحل مشكلة المجاري بالمنطقة الغربية الشمالية ونحن في المؤسسة نسعى جاهدين وبشكل مستمر لتلبية كافة الخدمات من خلال التجاوب والتفاعل مع شكوى المواطنين لحل مشاكل طفح المجاري وهناك تعاون كبير بين المؤسسة والمكاتب التنفيذية بالمحافظة للتغلب على كافة الصعوبات، التي تواجه سير أعمالنا، وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وتعاون الجميع وفي الختام أحب أن أوضح أن هناك بعض الإشكالات، التي تواجه سير أعمالنا بالدرجة الأولى، وأبرزها استملاك الأراضي والشوارع الجديدة.
مشروع طريق ربط شرق مدينة تعز بغربها إعترض مجرى سيول الأمطار فتحول إلى مستنقع وبؤرة للبعوض الناقل للأمراض وصارت “وايتات” الصرف الصحي تفرغ حمولتها فيه بدلاً من شفطه والأدهى قيام البعض بحفر آبار في محيط المستنقع وبيع المياه للمواطنين.
مشكلة طفح المجاري والمستنقعات في أحياء وشارع منطقة المطار القديم وبير باشا ووادي الدحي والحصب التي تقع في إطار مديرية المظفر بمحافظة تعز، تنذر بكارثة بيئية، وتهدد السكان بالرحيل فقد أصبحت كابوساً يؤرق حياة المواطنين في تلك المناطق؛ حيث تعاني هذه الأحياء من انفجار البيارات بشكل مستمر في الوقت الذي يكون فيه معظم شوارعها لا تزال ترابية وأراضي زراعية؛ الأمر الذي جعلها الأكثر تضرراً من غيرها بسبب طفح مجاري الصرف الصحي التي تصب في شارع الـ”30”بالمطار القديم ومنطقة الدمينة تتحول إلى حوض للمستنقعات والأوبئة..ولعل شارع الـ50الذي يعد من أهم الشوارع الحديثة، التي أنشئت مؤخراً لتربط شرق المدينة بغربها، بهدف إلى التخفيف من حركة الزحام لسير المرور لخير شاهد ومثال على المعاناة اليومية لساكني المنطقة والمارة فيه؛ بسبب تدفق المجاري من مختلف المناطق المجاورة لتستقر في إحدى الحقول الزراعية، التي تم حجزها لتصبح مستنقعا للمجاري بسبب سفلتة الشارع الجديد منذ أكثر من عامين.
فقد ترك ممر المجاري النازل في الخط الأسفلتي مغلقاً كما هو حتى اللحظة دون عمل عبارات أو مجرى للسيول والمجاري.
وتمثل معاناة المواطنين والساكنين في منطقة المطار القديم وحارة المغتربين الدمينة، والذين تحولت أحياؤهم إلى مستنقعات للبعوض والحشرات بشكل مخيف وأصبح المواطنون يعيشون في حالة قلق وصراع دائم مع البعوض ولا يستطيعون فتح نوافذ منازلهم خشية من لسعات البعوض”الناموس”والروائح الكريهة المنبعثة من طفح المجاري بصورة دائمة؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار العديد من الأمراض في أوساط المواطنين كالملاريا وبشكل كبير ومخيف مما اضطر بعض الساكنين لعرض منازلهم للبيع بأبخس الأثمان والرحيل لمكان آخر بسبب طفح المجاري وتجميعها في مستنقع “ساحل العاج” كما أطلق عليه الأهالي نتيجة لعدم استجابة الجهات المسئولة لمناشدتهم بفتح المجرى والممر والذي وصل أذاه إلى كافة المساكن والمحلات التجارية والشوارع الرئيسية.
مستنقع بالقرب من مركز طبي
ليس هذا فحسب فالمصيبة الأعظم أن تلك المستنقعات الراكدة إلى جانب وقوعها بالقرب من الأحياء السكنية، تطل على أهم مرفق صحي وطبي مركز “22”مايو الحديث، الذي تم افتتاحه مؤخراً لتقديم الرعاية الصحية للمواطنين.
هذه المأساة التي أقضت مضاجع الساكنين، الذين ابتلوا بهذه الكارثة، التي لم تعرها الجهات المعنية أي اهتمام رغم أن الأهالي قد شكوا إليهم مراراً وتكراراً دون أن تحرك ساكناً.
والأدهى من ذلك أن “بوابير ووايتات”الصرف الصحي تصب حمولتها في المستنقع بدلاً من شفطه؛ فالمنطقة بأكملها، أضحت بؤرة لنفايات ومخلفات مجاري المدينة..فضلاً عن أن البعض ممن استهواهم هذا الوضع من المستهترين الذين لم يكتفوا بهذه الكارثة بل زادوا الطين بلة حين أقدموا على سد وتضييق جميع منافذ مجرى السيل بهدف حصر مياه المجاري لتغذية آبار المياه التي انتشرت في الآونة الأخيرة بفضل هذا المستنقع دون عناء في حفر الآبار كل ما عليك فعله هو حفر عشرة أمتار فقط لتتدفق مياه الصرف الصحي، التي أصبحت ثروة بالنسبة لبعض عديمي الضمير الذين يبيعون لأصحاب الوايتات، التي تباع للمواطنين وأصحاب المطاعم على أنها مياه صافية دون خشية من أحد ويساعدهم على ذلك ويدفعهم للتمادي صمت الجهات المعنية بمديرية المظفر عن المأساة الأولى والتي فاقمت أي تصور والتي رصدتها عدسة الكاميرا بوضوح.
انتشار البعوض والحشرات
وما يحز في نفوس المواطنين أنهم على هذا الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات وشكواهم المستمرة ورغم ذلك لم يتغير شيء... ولا ندري، أين هو دور الجهات المعنية، التي لم تكلف نفسها بالنزول إلى الموقع لتلمس عن قرب تلك الكارثة ومعاناة المواطنين ـ أثناء جولتي الاستطلاعية للموقع المشار إليه برفقة أمين عام المجلس المحلي بالمظفر ومدير مكتب الصحة بالمديرية لم نستطع الوقوف أمام المستنقع لأكثر من دقيقتين ليتسنى لي التقاط الصور بسبب انبعاث الروائح الكريهة والخانقة وانتشار البعوض والحشرات فما بالكم بمعاناة ساكني المنطقة!
النوافذ مغلقة ليلاً ونهاراً
“الجمهورية” زارت الموقع عن قرب ورصدت المعاناة، كما وردت على لسان الأهالي، الذين عبروا عن استيائهم واستنكارهم للصمت المطبق للجهات المختصة يقول عبدالرحمن أحمد الشميري أحد ساكني تلك المناطق الموبوءة، الذي بدأ الحديث معنا عن قصة الأحواض حيث قال إن هذه الأحواض المجاورة لمنازلنا ترجع لمشروع الطريق في المنطقة منذ أكثر من ثلاث سنوات وبعد انتهاء عمل المشروع، لم تقم الشركة المنفذة للطريق بفتح عبارة للمجاري، كما كانت في السابق ويرجع السبب لبعض المتنفذين الذين أعاقوا عمل العبارات ومنعوا من إنشائها؛ كونهم مستفيدين من بقاء مستنقع المجاري، الذي تتغذى منه آبار المياه التابعة لهم؛ لذلك بقيت الأحواض التي تستخدم كمجمع للمجاري المتدفقة من المناطق المرتفعة عن المنطقة.
وأضاف: إن المجاري السابحة، تشكل خطورة كبيرة على سكان المنطقة، حيث خلقت بيئة غير صحية، نجم عنها انتشار العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة للمواطنين، حيث أصابت الصغار والكبار وما تسببه من روائح كريهة وحشرات مؤذية كالبعوض الناقل للملاريا؛ مما يضطرهم لعدم فتح نوافذهم طيلة فترات الليل والنهار ونحن نستخدم شتى أنواع المبيدات لمكافحة البعوض، والتي لم تعد تفي بالغرض خاصة عند انقطاع التيار الكهربائي، نعيش في جحيم.
نزوح جماعي للسكان
جلال الشرعبي يرى أن السكن في المنطقة غير صالح؛ لأنها تفتقد لأبسط مقومات البيئة الصحية الآمنة وقال: إن معاناة سكان المنطقة بدأت منذ أكثر من ثلاث سنوات جراء مستنقع المجاري والبلاليع الطافحة دائمة الجريان ليلاً ونهاراً، تمر من أمام منازلهم لتستقر في حوض المجاري مسببة الأذى والضرر لهم ولجيرانهم ومنها انتشار الملاريا وغيرها مؤكداً أن (6)من أطفاله وأفراد أسرته تعرضوا لمرض حمى الضنك..بسبب البعوض الناقل للمرض ناهيك عن الروائح الكريهة، التي باتت تؤذي السكان ويفكر جلال الشرعبي بالانتقال من المنطقة أسوة بغيره ممن باعوا منازلهم بنصف القيمة لما لاقوه من معاناة فهم لم يحتملوا الروائح الكريهة، وما يتبعها من أمراض ورحلوا بعد أن يئسوا من عدم استجابة الجهات المختصة لمناشدتهم.
مؤكداً أنهم تقدموا بأكثر من شكوى للمحافظة وكان وكيلا المحافظة المهندس عبدالقادر حاتم وعارف مجور قد تفاعلا مع القضية...وتم توجيه مقاول المشروع بفتح العبارة لتصريف مجاري المستنقع كحل مؤقت؛ حتى يتم مواصلة أعمال مشروع المجاري الذي كثر الحديث عنه دون جدوى. وحتى هذه اللحظة لم توضع أي حلول فهل يعقل أن يترك الشخص منزله بعد أن عانى الأمرين والمنطقة تشهد حالياً نزوحا جماعيا للساكنين.
بيئة منفرة
ويشاركه الرأي الحاج عباس- مغترب وأحد سكان المنطقة قائلاً : لك أن تتخيل معاناة المغترب في المهجر لكسب الرزق كي يعود إلى وطنه لينعم بقضاء إجازته مع أطفاله في منزله، الذي باع من أجل إنشائه الغالي والنفيس ليتفاجأ بأنه لا يستطيع أن يمكث فيه أو يهنأ بالنوم فيه ولو لليلة واحدة فيضطر للتنقل من منطقة إلى أخرى.
ويرى سكان المنطقة أنه لا حلول سوى أن تفتح أحواض المجاري كما كانت في السابق أو يرحلون عن المنطقة أو يأتي الإخوة المسئولون في الجهات المعنية للسكن في المنطقة أو المبيت فيها لليلة واحدة فقط ليشعروا بحجم المعاناة.
شكاوى عديدة
زكي طاهر سلطان- عاقل عن المنطقة، عبر استيائه لعدم تجاوب الجهات المختصة مع معاناة المواطن والساكنين رغم متابعتهم للجهات ورفع الشكاوى العديدة لعمل الحلول لمستنقع المجاري ، الذي يقع وسط أكبر تجمع سكاني في المنطقة إضافة إلى تواجده بالقرب من أهم المنشآت الصحية والتعليمية مثل مجمع عائشة للبنات ومركز 22 مايو الصحي ومستشفى العرب، فسكان المنطقة يعانون الأمرين منذ أكثر من ثلاث سنوات، والسبب إنشاء الطريق الإسفلتي الجديد بشارع الخمسين لربط المدينة شرقها بغربها للتخفيف من حركة الزحام وهذا شيء جميل إلا أنه تسبب في حجز مياه المجاري المتدفقة من مناطق أخرى مرتفعة عن المنطقة، وأصبحت تتجمع في أحد الحقول الزراعية كحل مؤقت؛ حتى يتم استكمال عمل الطريق إلا أنه ومع الأسف الشديد ظل المستنقع، كما هو ولم يتم إخلاء سبيله كما كان في السابق بعد انتهاء مشروع الطريق دون عمل العبارات لتصريف هذه المجاري.
والمشكلة تقع على عاتق مؤسسة المياه والصرف الصحي والمجلس المحلي؛ كونهم لم يوفروا أدنى الخدمات للمجاري في المنطقة أو عمل الحلول قبل قيامهم بحجز ممر ومجرى المستنقع، الذي سبب العديد من الأمراض والأوبئة في أوساط المواطنين المقيمين في المنطقة، وكل مانأمله هو فتح ممر لمجاري المستنقع كما كان في السابق.
إلى أين التصريف!؟
منصور المخلافي عضو المجلس المحلي بمديرية المظفر قال: إن مشروع مجاري المنطقة الغربية، الجاري تنفيذه يعد مشروعا إستراتيجيا بتكلفة 65 مليون دولار، وسوف تشارك الحكومة الماليزية في تمويل هذا المشروع، وتتولى الحكومة اليمنية المساهمة والإشراف على التنفيذ.
فقد قام الماليزيون في عام 2007م بعمل مراجعة للدراسة، التي قام بها الفريق الأمريكي في عام 2006م، وبدأ العمل في كتلتين من المشروع الأول في منطقة فرزة النقل ـ العقبات والبعرارة ـ المدينة السكنية ـ جبل أبيض ـ جوار مدرسة علي بن أبي طالب ـ منطقة السروال ـ جزء من مدينة النور وبتكلفة 194مليون ريال ويقوم بالتنفيذ المقاول الشامي والكتلة الثانية وتشمل منطقة جامعة تعز ـ عمد ـ بير باشا ـ الحصب الجنوبي والحصب الشمالي ـ نادي الصقر ـ المغتربين بازرعة وجزءا من المطار القديم وبتكلفة إجمالية 224 مليون ريال وهذا المشروع مهم جداً وسوف يحل مشكلة مجاري بئر باشا وأسواقها الثمانية وينتهي بمحطة ترسيب، تمر بعدها الشبكة إلى منطقة مشروع مجاري تعز الجديد في المنطقة الشمالية الغربية، والتي تم اقتراحها من قبل الفريق الهندسي الماليزي وبإشراف من قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، والمهندس عبدالقادر حاتم وكيل المحافظة للشئون الفنية والبيئية وكذلك أشيد بالدور الكبير للأستاذ شوقي أحمد هائل- رئيس لجنة التخطيط والمالية والمجلس المحلي للمحافظة والإخوة في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز الذين يبذلون جهودا كبيرة في حل مشكلة مجاري المنطقة الشمالية الغربية لمدينة تعز، والتي تعيق حركة النمو العمراني في هذه المنطقة الشمالية وتسبب تلوثاً كبيراً في البيئة وأضراراً جسيمة على المواطن وتؤدي إلى تفشي الأمراض؛ كون حوض المجاري مكشوفا للعراء.. وأطمئن الإخوة المواطنين القاطنين في المنطقة؛ بكوني عضو المجلس المحلي أن المشروع الذي سيجري تنفيذه لن يسبب أي أضرار على السكان؛ كون المشروع يراعي أي جوانب أو آثار على البيئة والناس وهو جزء من المشروع الإستراتيجي الكبير، الذي سيتم تنفيذه خلال ثلاث سنوات للمنطقة الغربية وبتقنيات حديثة وأنظمة تراعي الحفاظ على البيئة.
وما نأمله خلال الأيام القادمة، أن يتم إزالة هذا المستنقع وعمل عبارات لممر المجاري كما كان في السابق كحل مؤقت.
محطة معالجة عملاقة
وحرصنا في الصحيفة على معرفة الإجراءات والحلول المتخذة من قبل الجهات المختصة بتعز، حيال هذه المشكلة التقينا بالأستاذ فؤاد الجابري مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي بالمحافظة وطرحنا على طاولته شكاوى ومعاناة المواطنين فأجاب:
إن مؤسسة المياه والصرف الصحي، يقع على عاتقها تنفيذ العديد من الأعمال والمهام ولعبت دوراً كبيراً، في تنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي، منها ما تم إنجازه، ومنها ما هو جار العمل فيه بوتيرة عالية إلى جانب متابعة ومعالجة مجمل الأعمال والإشكالات، التي تواجه سير أعمال التنفيذ وليس خافياً على أحد ما تحقق من إنجازات عملاقة على أرض الواقع المعاش خلال الفترة الماضية بفضل دعم واهتمام القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رائد البناء والتنمية في اليمن، والذي يولي جل اهتمامه لدعم وتحسين وضع مشاريع المياه والصرف الصحي، والتي ستجلب فوائد كبيرة كفيلة بتعزيز جوانب التنمية.
وبالنسبة لمشكلة طفح المجاري بمديرية المظفر ومعاناة المواطنين في منطقة المطار القديم خاصة بسبب مستنقع المجاري؛ نتيجة التسربات، التي تحدثها مجاري المناطق المجاورة والأعلى منها وتصب في هذا المجمع بشارع الـ30 نتيجة توقف العمل وقد تؤدي لأضرار بالبيئة والمجتمع؛ لذا نود التوضيح للإخوة المواطنين بأن هناك حلولاً جذرية للتغلب على مشكلة مستنقع المجاري في المطار القديم، وذلك خلال الثلاث الأشهر القادمة إن شاء الله.
وحالياً نحن بصدد استكمال إجراءات تنفيذ المشروع بشكل كامل، وسنقوم بمواصلة ربط الشبكة بالمنطقة، وهي عبارة عن خط رئيسي بدءاً من بوابات المدينة وحتى إلى مابعد آبار الدمينة.
حيث سيتم تنفيذ وحدة صحية لمعالجة مياه الصرف الصحي كمرحلة أولى، وهذه الوحدة الصحية، هي عبارة عن حلول جزئية مؤقتة؛ حتى يتم تنفيذ المشروع الإستراتيجي الهام للمنطقة الغربية الشمالية، والذي سيشمل تنفيذ محطة عملاقة لمعالجة مياه الصرف الصحي في الملتقى، وقد تم استكمال الدراسة النهائية للمشروع، والتي تتجاوز كلفته “7” مليارات ريال، تم رفعها لوزارة المياه والصرف الصحي.. ولايزال الموضوع يتابع من قبل قيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالأستاذ حمود خالد الصوفي لحل مشكلة المجاري بالمنطقة الغربية الشمالية ونحن في المؤسسة نسعى جاهدين وبشكل مستمر لتلبية كافة الخدمات من خلال التجاوب والتفاعل مع شكوى المواطنين لحل مشاكل طفح المجاري وهناك تعاون كبير بين المؤسسة والمكاتب التنفيذية بالمحافظة للتغلب على كافة الصعوبات، التي تواجه سير أعمالنا، وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وتعاون الجميع وفي الختام أحب أن أوضح أن هناك بعض الإشكالات، التي تواجه سير أعمالنا بالدرجة الأولى، وأبرزها استملاك الأراضي والشوارع الجديدة.
الموضوع : كارثه مجاري مديريه المظفر المصدر : منتديات شمير الكاتب: hamdi.m.ali
توقيع العضو : hamdi.m.ali |