السيرة الذاتية للعلامة عبد الوراث فرحان الشميري
ودع الآلاف من رجال اليمن الأوفياء اليوم الخميس : الثالث من ذي القعدة الحرام 1430هـ ، إلى رحمة الله تعالى العلامة / الحاج عبد الوارث فرحان الشميري ، والد الدكتور عبد الولي الشميري سفير اليمن بمصر ، حيث وافته المنية أمس الأربعاء الثاني من ذي القعدة 1430هـ، الحادي والعشرين من أكتوبر 2009م، عن عمر يناهز الثالثة والثمانين عاما، وقد وري الجثمان الطاهر في مقبرة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ، بمنطقة حدة في العاصمة اليمنية صنعاء، بعد أيام أخيرة قضاها الراحل في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء.
ميـــــــــلاده:
ولد الراحل الكريم في قرية (الخريبة) من عزلة الأخدوع الأعلى من ناحية مقبنة ، في قبيلة شمير ، وذلك سنة 1926م-1344هـ ، وقد توفي والده فرحان عبد الله ولم يكن الراحل تجاوز السنتين من عمره ؛ لتقوم على رعايته والدته الفاضلة السيدة مريم بنت فارع عبدالله؛ التي أولته الرعاية التامة ، وقد تعلم في صباه رعي الغنم ، والحرث ، إضافة إلى تعلمه القرآن و الكتابة والقراءة ، وكان له حظ في تعلم البيع والشراء ونحوها.
زواجــــــــــــه
تزوج – رحمه الله- من السيدة الفاضلة : فاطمة بنت أحمد ، وذلك في عام 1946م ، وقد رزقه الله من هذا الزواج المبارك بـ : الابن الأكبر الدكتور عبد الغني عبد الوارث فرحان عام 1948م ، ثم أنجب ابنا وبنتا قضيا نحبيهما طفلين صغيرين ، ثم أنجب السيدة عاتكة ، ثم منَّ الله عليه بالمولود الأخير الدكتور عبد الولي الشميري.
اغترابه وهجرته
ارتحل إلى المهجر في مدينة برمنجهام ببريطانيا ، وقد عمل هناك لمدة تسع سنوات في أحد مصانع السيارات ، وكان في المساء يعكف على دروس العلم يتلقاه عبر العلماء الذين تصادف وجودهم هناك أمثال : العلامة عبد السلام بن محمد بن سعد الحداد ؛ حيث تعلم على يديه القرآن والفقه والعربيـــة ، والعلامة محمد بن مصطفى العلوي المستاغنمي الجزائري ، والذي تلقى على يديه مشرب التصوف.وتكررت هجرته إلى بريطانيا حتى عاد نهائيًّا عام 1973م ، إذ وجد أمه قد طعنـت في السن ، كما فوجئ بموت أخيه الأكبر عبد الحميد فرحان وقد ترك أسرة كبيرة أكثرهم قصر صغار ، فوجد لزاما عليه أن يقطع رحلة الهجرة ، وأن يبقى لخلافة أخيه الراحل في أسرته،كما كان لوضع أخته المنفصلة عن زوجها اعتبار في ضرورة البقاء في الوطن ، وهكذا كانت الواجبات العائلية تتحكم في تحركاته وسكناته رحمه الله.
نفقتـــــــــــــــــــــــــــه
كان كلما عاد إلى وطنه من سفريات الهجرة ؛ لم يضن رحمه الله بما وفقه الله في رحلة المهجر من مال ؛ فأنفق في أوجه الخير المختلفة : إذ بنا مسجدا في قريته، وحفر بئرين سبيلا لأهل بلدته، وأوقف مقبرة من أرضه ، وبنا مقصورة لأبناء السبيل ، واتخذ سقاية للعابرين.
وفي أبنائه سار سيرة الأب الرؤوف الكريم فقد أنفق بسخاء على ابنه الدكتور عبد الغني حتى أتم علوم القرآن والشرع على يد العلامة الفقيه بن حامد بن عبد الحميد ، وحين كبر دفعه للتعلم في بريطانيا ليمتهن مهنة الطب.
كما تواصل خلال غربته بابنه الأصغر الدكتور عبدالولي الشميري الذي كان دون التاسعة من عمره ؛ حيث كان يحثه على تعلم القرآن والعلوم الشرعية ، وكان حين عودته الأولى من المهجر قد ابتعث ابنه الدكتور عبد الولي الشميري إلى مدينة زبيد ؛ للانقطاع إلى العلم في رباط مسجد السيد يحيى بن عمر الأهدل، واستمرارا لهذه الطبيعة الحانية دفعه كبيرا ليواصل دراسته في بلدان كثيرة مثل : مصر والسعودية وباكستان وبريطانيا.
بـــــرُّه وصلة الأرحام
كان – رحمه الله- شديد البر بأمه وأرحامه ، وكم كان في خدمة أمه ؟! يقف عند رأسها وهي نائمة يطببها ويسهر على راحتها وشفائها ، ويتولى إطعامها وغسلها وإلباسه رداءها ، ولعل هذا يفسر الوفاء الذي تلقاه من ولده الدكتور عبد الولي الشميري في سنوات مرض الوالد الأخيرة ؛ حيث كان الدكتور الشميري يقوم بنفس ما قام به أبوه الراحل نحو أمه، وكأن الجزاء من جنس العمل.
وكان الراحل إلى جانب ذلك يقيم لأهل بلدته وجيرانه حقوقا مقضية : إذ سعى في تعليم أبناء قريته علوم القرآن وفقه الشافعية ، مع تردد على محافل الصوفية الشرعية غير المبتدعة.
رفض الجنسية الأجنبية
بالرغم من سهولة حصوله – رحمه الله- على الجنسية البريطانية ، وبالرغم من الفوائد التي تعود عليه من جراء تلك الجنسية إلا أنه امتثل لفتوى تمنع الحصول على تلك الجنسية ، وتعتبر الحصول عليها شيئا من الولاء لغير الدين والوطن الأصلي .
جهاده
عندما اندلعت حرب الريف في اليمن بين عامي 1979-1983م ، وحيث ابتليت قرى شمير وبوادي محافظة تعز بطغيان المد الجبهوي ، وسقوط قرى : شرعب وجبل رأس وأرحب والعدين من يد الدولة ، وعاد ولده الدكتور عبدالولي الشميري الذي كان وقتذاك منخرطا في الجيش إلى قريته يقود المواجهات العسكرية لاسترداد القرى المذكورة ؛ كان الوالد رحمه الله أكبر أنصار ولده والذين يقاتلون معه، وكان إلى جانبه يشد أزر الجنود ويذكرهم بالله وبالصلاة.
ونفس الروح كانت ماثلة فيه في حرب عام 1994م وهي الحرب الضروس التي نشبت حفاظا على الوحدة اليمنية ، وقف الراحل مع ابنه الدكتور عبد الولي الذي كان أحد أهم القادة في عدن، يدعو وينصر ويمارس التعبئة المعنوية على أعلى مستوى.
مرضه ووفاته
كانت السنون تتقدم بالراحل الكريم ، وكانت الأمراض قد تحالفت ضده بحكم السن والكبر ، وبدءا من عام 1998م حيث قام بعملية جراحية كان الراحل يتعاطى الصبر الجميل على الأمراض المتعاقبة ، وكان ولده البار عبد الولي الشميري قد أتى به إلى مصر ليكون تحت الاستطباب والرعاية الصحية الفائقة ، ويشهد مسجد محب في حي الزمالك نشاطات دعوية رائعـــة للراحل الكريم ، ولم يكن يحجبه عن الصلاة لا برد الشتاء القارص ، ولا هجير الصيف الحار .
ويعود لليمن مسقط الرأس ومهوى الفؤاد ، مستمرا في صراعه الطويل مع المرض ملتزما نفس أسلحة الصبر والجلد والرضا ؛ حتى يلقى وجه ربه في يوم الأربعاء الساعة الثالثة عصرا ، في اليوم الثاني من ذي القعدة 1430هـ، 21 أكتوبر 2009م. لتنتهي رحلة الكفاح والإيمان والصبر والتعبد والصلاح والإيمان ؛
فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته
.....
الموضوع : السيرة الذاتية للعلامة عبد الوراث فرحان الشميري المصدر : منتديات شمير الكاتب: hamdi.m.ali
توقيع العضو : hamdi.m.ali |