.
رمضان والناس
"إنَّ سعيكم لشتّى"
بعض النَّاس أصبح عنده شهر رمضان كسائر الشهور لا يذكره إلا إذا دخل، وينساه إذا خرج، لا يفرِّق بينه وبين شوال أو شعبان، وإن ذكره بشيء ذكره بالسهر واللعب، وأنواع المطاعم والمشارب، ومتابعة البرامج الرمضانية الشيطانية التي تصدّ عن العبادة والتلاوة !!
والبعض الآخر لا يعرف القرآن إلا في رمضان، ولا يحفظ لسانه إلا في رمضان، ولا يصل رحمه إلا في رمضان، ولا يتصدَّق إلا في رمضان، ولا يصلي إلا في رمضان، تراه في هذا الشهر كأنَّه أحد الملائكة المقربين، وإذا ذهب الشهر رأيته كالشيطان الأمرد !!
في رمضان يتقرَّب بأنواع الطاعات وإذا خرج تكاسل حتى عن أداء العبادات كالصلوات، حاله كمن يعبد رمضان ولا يعرف ربّ رمضان !!
وصنف صخَّاب لعَّان، يغضب لأتفه الأسباب، لم يتأدَّب بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل :إنِّي صائم".
وآخرون خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، يقرؤون القرآن ويصلون ويتصدَّقون ويحبون فعل الخير، إلا أنَّهم يشاهدون ما تعرضه بعض القنوات من برامج لم تخل من الحرام !!
وقوم اقتصروا على الواجبات وتركوا المستحبات، وكأنَّهم علموا أنَّ الله قد غفر لهم أو أنَّهم من أهل الجنة، فتجدهم يصلون الفريضة فإذا بدأت التراويح انصرفوا!!
وآخرون يصومون النَّهار ويقومون الليل وليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، وليس لهم من قيامهم إلا السهر والحمى، صاموا عن الطيب من الشراب والطعام ولم يدعوا أسوأ الكلام، مجالسهم مجالس غيبة لا يدعون أحداً حتى يشبعوا من لحمه وشحمه وربما طحنوا عظمه استهزاء وكذباً ولعناً وسبَّاً وحسداً !! ينطبق عليهم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" وقوله: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
وبعض الشباب يؤلم القلب لا يعرف هذا الشهر إلا بالألعاب الرياضية والسهرات الشيطانية، ثمَّ إذا جاء النهار نام نوماً لا تظن أنَّه سيحيا بعده أبداً، لا يستيقظ إلا قبيل الفطر بعد أن يجمع الظهر مع العصر فلم يستيفدوا من ليل أو نهار !!
وصنف هم بعض التجار وأهل المال وقد قيل: التجار هم الفجَّار يدخل رمضان ويخرج وهم يتحدَّثون في المال: خسرنا، ربحنا، اشترينا، بعنا.. تركوا التجارة الرابحة مع الله باغتنام هذا الشهر، وانشغلوا بالتجارة الزائلة، وسيأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.. سليم من حبّ الدنيا وحب كلّ ما سوى الله.
وبعض النَّاس وأولئك من شرُّ الأصناف - يصوم ولا يصلي - نعوذ بالله من الكفر بعد الإيمان - لا يعرف طريق المسجد ولا يصلي في البيت أبداً، فمثل هذا لو أتى كالجبال يوم القيامة من صيام وصدقة وغيرها لم ينتفع بها لأنَّه ضيَّع عمود الإسلام الذي إن صلح صلح سائر عمله، وإن فسد ردَّ سائر عمله، وأقلّ من هؤلاء جريمة من يصلي في البيت مع جدته وزوجته، يسمع الأذان ولا يجيب كأنَّه في أذنيه وقراً، وهذا حاله حال المنافقين تماماً.. نسأل الله السلامة من الكفر والنفاق.
وصنف يُدعون المتعلمين والمثقفين تجدهم يكثرون المطالعة في الكتب والصحف والمجلات، يمضون الساعات الطوال معها ولا يجعلون لكتاب ربهم إلا القليل من الوقت، يقرأ أحدهم من الكتاب مائة صفحة أو أكثر ولا يقرأ من كتاب ربه مائة آية!! ونسي هؤلاء حال سلفهم، كيف أنَّهم كانوا إذا دخل رمضان توقفوا عن قراءة كلّ كتاب سوى كتاب ربهم يتلونه ويتدبَّرونه كما روي عن مالك ـ رحمه الله ـ أنَّه كان إذا دخل رمضان لا يتشاغل إلا بالقرآن، ويعتزل التدريس والفتيا والجلوس للنَّاس، وكان بعض السلف يختم القرآن كلّ ثلاثة أيام، وبعضهم في الشهر ثلاث مرات.
وصنف آخر عجيب يدعي الالتزام والصلاح لكنَّك تجده يجعل رمضان للتفسح والرحلات، غافلاً عن لذَّة هذا الشهر الذي إذا خرج وحزن المؤمنون على فراقه وطيب ذكرياته الإيمانية لا يذكر منه إلا الذهاب هنا وهناك، لم يقرأ من كتاب ربه إلا القليل، ولم يتصدَّق من ماله إلاّ بالقليل، والكثير جعله لتلك الرحلات في هذا الشهر الفضيل، فكان من المضيعين لأثمن الأوقات غافلاً عن أفضل العبادات !!
وقوم يفرحون بدخول هذا الشهر ويحزنهم خروجه، إذا أقبل دعوا الله ستة أشهر أن يبلغهم إياه، وإذا خرج دعوا الله أن يتقبله منهم ستة أشهر كما كان سلفهم الصالح، يعبدون الله على بصيرة مبتعدين عن الرياء وثناء النَّاس، سبَّاقون إلى الخير، لا تجد باباً من أبواب الخير إلا ولجوه وهم الملفحون ـ إن شاء الله ـ يحفظون أوقاتهم ويتلون كتاب ربهم ويصلون أرحامهم ويطعمون الطعام ويقومون بالليل والناس نيام يذكرون الله ولا يفترون، نائين عن مجالس اللهو والغيبة والقيل والقال، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر يتذكَّرون بصيامهم إخوانهم الجائعين فيجودون بما يستطيعون، حفظوا ألسنتهم وأبصارهم وأسماعهم وبطونهم وعوراتهم عن كلّ محرم، ينطبق عليهم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه".
تلك أحوال النَّاس في هذا الشهر العظيم.. منهم من عرف حقه وعظَّمه، ومنهم من قصَّر فيه ومنهم من يلعنه رمضان، والمفلح من صامه وقامه إيماناً واحتساباً، وتزوَّد فيه بأنواع الطاعات فقرأ وتصدَّق واعتمر وفطر وقام.. نسأل الله أن نكون منهم.
اللهم تقبل صلاتنا وصوامنا وجميع صالح أعمالنا
رمضان والناس
"إنَّ سعيكم لشتّى"
بعض النَّاس أصبح عنده شهر رمضان كسائر الشهور لا يذكره إلا إذا دخل، وينساه إذا خرج، لا يفرِّق بينه وبين شوال أو شعبان، وإن ذكره بشيء ذكره بالسهر واللعب، وأنواع المطاعم والمشارب، ومتابعة البرامج الرمضانية الشيطانية التي تصدّ عن العبادة والتلاوة !!
والبعض الآخر لا يعرف القرآن إلا في رمضان، ولا يحفظ لسانه إلا في رمضان، ولا يصل رحمه إلا في رمضان، ولا يتصدَّق إلا في رمضان، ولا يصلي إلا في رمضان، تراه في هذا الشهر كأنَّه أحد الملائكة المقربين، وإذا ذهب الشهر رأيته كالشيطان الأمرد !!
في رمضان يتقرَّب بأنواع الطاعات وإذا خرج تكاسل حتى عن أداء العبادات كالصلوات، حاله كمن يعبد رمضان ولا يعرف ربّ رمضان !!
وصنف صخَّاب لعَّان، يغضب لأتفه الأسباب، لم يتأدَّب بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل :إنِّي صائم".
وآخرون خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، يقرؤون القرآن ويصلون ويتصدَّقون ويحبون فعل الخير، إلا أنَّهم يشاهدون ما تعرضه بعض القنوات من برامج لم تخل من الحرام !!
وقوم اقتصروا على الواجبات وتركوا المستحبات، وكأنَّهم علموا أنَّ الله قد غفر لهم أو أنَّهم من أهل الجنة، فتجدهم يصلون الفريضة فإذا بدأت التراويح انصرفوا!!
وآخرون يصومون النَّهار ويقومون الليل وليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، وليس لهم من قيامهم إلا السهر والحمى، صاموا عن الطيب من الشراب والطعام ولم يدعوا أسوأ الكلام، مجالسهم مجالس غيبة لا يدعون أحداً حتى يشبعوا من لحمه وشحمه وربما طحنوا عظمه استهزاء وكذباً ولعناً وسبَّاً وحسداً !! ينطبق عليهم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "ربّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" وقوله: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
وبعض الشباب يؤلم القلب لا يعرف هذا الشهر إلا بالألعاب الرياضية والسهرات الشيطانية، ثمَّ إذا جاء النهار نام نوماً لا تظن أنَّه سيحيا بعده أبداً، لا يستيقظ إلا قبيل الفطر بعد أن يجمع الظهر مع العصر فلم يستيفدوا من ليل أو نهار !!
وصنف هم بعض التجار وأهل المال وقد قيل: التجار هم الفجَّار يدخل رمضان ويخرج وهم يتحدَّثون في المال: خسرنا، ربحنا، اشترينا، بعنا.. تركوا التجارة الرابحة مع الله باغتنام هذا الشهر، وانشغلوا بالتجارة الزائلة، وسيأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.. سليم من حبّ الدنيا وحب كلّ ما سوى الله.
وبعض النَّاس وأولئك من شرُّ الأصناف - يصوم ولا يصلي - نعوذ بالله من الكفر بعد الإيمان - لا يعرف طريق المسجد ولا يصلي في البيت أبداً، فمثل هذا لو أتى كالجبال يوم القيامة من صيام وصدقة وغيرها لم ينتفع بها لأنَّه ضيَّع عمود الإسلام الذي إن صلح صلح سائر عمله، وإن فسد ردَّ سائر عمله، وأقلّ من هؤلاء جريمة من يصلي في البيت مع جدته وزوجته، يسمع الأذان ولا يجيب كأنَّه في أذنيه وقراً، وهذا حاله حال المنافقين تماماً.. نسأل الله السلامة من الكفر والنفاق.
وصنف يُدعون المتعلمين والمثقفين تجدهم يكثرون المطالعة في الكتب والصحف والمجلات، يمضون الساعات الطوال معها ولا يجعلون لكتاب ربهم إلا القليل من الوقت، يقرأ أحدهم من الكتاب مائة صفحة أو أكثر ولا يقرأ من كتاب ربه مائة آية!! ونسي هؤلاء حال سلفهم، كيف أنَّهم كانوا إذا دخل رمضان توقفوا عن قراءة كلّ كتاب سوى كتاب ربهم يتلونه ويتدبَّرونه كما روي عن مالك ـ رحمه الله ـ أنَّه كان إذا دخل رمضان لا يتشاغل إلا بالقرآن، ويعتزل التدريس والفتيا والجلوس للنَّاس، وكان بعض السلف يختم القرآن كلّ ثلاثة أيام، وبعضهم في الشهر ثلاث مرات.
وصنف آخر عجيب يدعي الالتزام والصلاح لكنَّك تجده يجعل رمضان للتفسح والرحلات، غافلاً عن لذَّة هذا الشهر الذي إذا خرج وحزن المؤمنون على فراقه وطيب ذكرياته الإيمانية لا يذكر منه إلا الذهاب هنا وهناك، لم يقرأ من كتاب ربه إلا القليل، ولم يتصدَّق من ماله إلاّ بالقليل، والكثير جعله لتلك الرحلات في هذا الشهر الفضيل، فكان من المضيعين لأثمن الأوقات غافلاً عن أفضل العبادات !!
وقوم يفرحون بدخول هذا الشهر ويحزنهم خروجه، إذا أقبل دعوا الله ستة أشهر أن يبلغهم إياه، وإذا خرج دعوا الله أن يتقبله منهم ستة أشهر كما كان سلفهم الصالح، يعبدون الله على بصيرة مبتعدين عن الرياء وثناء النَّاس، سبَّاقون إلى الخير، لا تجد باباً من أبواب الخير إلا ولجوه وهم الملفحون ـ إن شاء الله ـ يحفظون أوقاتهم ويتلون كتاب ربهم ويصلون أرحامهم ويطعمون الطعام ويقومون بالليل والناس نيام يذكرون الله ولا يفترون، نائين عن مجالس اللهو والغيبة والقيل والقال، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر يتذكَّرون بصيامهم إخوانهم الجائعين فيجودون بما يستطيعون، حفظوا ألسنتهم وأبصارهم وأسماعهم وبطونهم وعوراتهم عن كلّ محرم، ينطبق عليهم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه".
تلك أحوال النَّاس في هذا الشهر العظيم.. منهم من عرف حقه وعظَّمه، ومنهم من قصَّر فيه ومنهم من يلعنه رمضان، والمفلح من صامه وقامه إيماناً واحتساباً، وتزوَّد فيه بأنواع الطاعات فقرأ وتصدَّق واعتمر وفطر وقام.. نسأل الله أن نكون منهم.
اللهم تقبل صلاتنا وصوامنا وجميع صالح أعمالنا