أهتم سلفنا الصالح- رحمهم الله- بالمروءة، حيث تخلقوا بها، وعرفوا قدرها، وعلَّموها لأبنائهم، ولذا نجد عباراتهم فيها قوية مؤثرة نابعة عن تجربة عميقة، فقد سئل الأحنف بن قيس عن المروءة فقال: صدق اللسان، ومواساة الإخوان، وذكر الله تعالى في كل مكان.
فما نجده الآن من تكاسل الشباب وتراخيهم في طلب العلم الجاد، واهتمامهم بصغائر الأمور وتوافه الأعمال إنما هو ناتج عن صغر الهمة، إن لم يكن انعدامها، فنجد أن قصارى جهد الفتى أن يصبح مثل اللاعب فلان أو الممثل علان، وكذا الفتاة فمثلها الأعلى- وهذا مما يدمي القلب- الممثلة الفلانية، وكأنهم اختزلوا الحياة في هؤلاء، لأن المقاييس اختلت وغاب دور الأسرة والمجتمع في التوجيه والإرشاد، وقد رأيت عجبا من هؤلاء، فمنهم من كان مبلغ علمه ومنتهى أمله أن يحفظ- وبصورة متقنة- أسماء اللاعبين في الفرق والأندية الأجنبية، وترتيبهم...، في نفس الوقت الذي لا يدري فيه شيئا عن دروسه، فضلا عن أسماء أعلامنا البارزين من العرب والمسلمين، وكذلك ما نشاهده جميعا من الاهتمام المبالغ فيه بما في شبكة الانترنت من تفاهات وقبائح، رغم ما فيها من فوائد عظيمة علمية وتقنية وشرعية، لكن صغر الهمة يذهب بالمرء إلى السفاسف، ولذلك من المهم أن نتدارك هذا الخلل الخطير، ونعمل بكل جد واجتهاد على غرس علو الهمة والاعتزاز بقيمنا الأصيلة في وجدان أبنائنا، وأن ننميها فيهم حتى تكون لهم سجية وخصلة من خصالهم النفيسة الزكية.
تحياتي للجميع وتمنياتي لكم بالتوفيق